الثلاثاء، 23 أبريل 2019

المختصر المبين في تقفي أثر المازوت والظفر بماتيسر من البانزين



المختصر المبين في تقفي أثر المازوت والظفر بماتيسر من البانزين

نظرا لمااصاب البلاد والعباد من القحط والعجاف من السنين على اثر شح في المازوت ونضوب في البانزين فان هذا الخطاب موجه إلى معشر الصابرين في بلاد الشام ومن جاورها مع مراعاة التوقيت وجواز الاستئناس وكره التدافع والتصويت فيقال لا بأس جزاكم الله عنا وعن أصحاب الكازيات ومريديها وزوارها ومحبيها كل الخير واناط عنا وعنكم رجس التدافع واسدل علينا باب الرحمة والتفاضل والتنافع لدى رؤية سراب  المازوت وطلائع الظافرين بالبانزين..

هذا والله أعلم وهو الستار والغالب والمعين.

 في أثر فصل وفضل الوقوف على الكازية

اعلم - حفظ الله وقودك - أنَّ أقلَّ الصحبة في (الكازية) ثلاث؛ رجل وصاحباه، وقيل: رجلٌ وصاحبه ودابته؛ أي سيارته، قال الميدانيُّ في ( أهوال الكازيّات وكراماتها في قطف ثمار البركة ونيل الحسنات ) معلّقًا على قول من قال في الاثر:

قفا نبكِ من ذكرى وقودٍ ومركب

إنه وقف واستوقف، وبكى واستبكى، وخاطب الصاحب والدابة معًا.

واعلم أن اختيار (الكازية) ضربٌ من التفنن، ودليلٌ على بعد في النظر، وهي قبل ذلك كله سهمٌ من التوفيق، فإنك واجدٌ امرأ أخطأ في تخيّرها، فعيا وأعيا، شقي ليله، وتخبّط نهاره، فإن كان بلا مؤنسٍ بعد ذلك أوشك أن يدعو على نفسه والعياذ بالله بالفناء والهلكة عبدما ضل عن طريق الصبر والبركة.

واعلم أن الله قد أوصى ببر سابع جار لك في الدور، فإذا عرض لجارك عارضٌ، أو ذهب ليقضي حاجته،أو تبعثر في اثره فقم بجرَّ سيارته بيمينك ريثما يرجع، لتحفظ مكانه، وتحرك السير، فتلك وعمري هي ضرب من المروءة والأمانة وحسن الجوار، وصدق من قال: وقوف الكازية يورث الصبر، ويزيد في المروءة في تحسس البر..

واعلم أنّ العرب سمَّت الكازية مفازةً؛ تفاؤلًا بالفوز لمن يسير فيها، فأنت وطوبى لك فائزٌ إن عدت، سواء أفلّلت أم رضيت بما قُسِم لك وأنست، بل إنك فائز ولو ظفرت من الغنيمة بالإياب، فيكفي أنك تقحّمت أهوالها، وثبتَّ عندما اشتدَّ الهرج والمرج، ونظرت شذر مذر لكل من فيّم البلور، واقتحم الدور، ولم ترجع إلى بيتك إلا بألف زور !

واعلم أنها أي العرب سمتها البيداء أيضًا؛ لمّا كانت تبيد سالكها، فإذا لم تبدك، وخرجت منها سالمًا غانما، كان لك أن تقول:

الخيل والليل والبيداء تعرفني

فإنك ستعرف الخيل لا محالة عاجلًا أو آجلًا..

ولا يغرنّك أنك وطّنتَ نفسك، لتهجم على (الكازية)، بل عليك أن توطن أهلك وأحبابك وعشيرتك واقرانك على فراقك، وأن تأخذ مؤنًا تعينك على الثبات على ثباتك ضمن الرتل الزاحف الممتد أمامك، ولا تترك وقود سيارتك يصفرُ كيلا تجرها على ظهرك، واعلم أنّ المنبتَّ لا دورًا قطع، ولا سيارةً أبقى..

وليكن قلبك حاضرًا، فإذا عُرض عليك التفليل فَلِّل، مهما كلّف الأمر، ووطّن جيوبك على الدفع بلا تردد أو تأمل..

وليكن (بيدونك) حاضرًا كذلك، فأنت لا تدري متى تأتي الكرامات، وعلى يد مَن، فإذا تمكنت من قلب عامل (الكازية)، وسمحَ لك بأن تدسّه فأخفه، فإنك لن تتمكن من قلوب الخلائق..

ولا تباسِمْ شرطيًّا ولا ضابطًا، وإذا رأيت شرطيًّا يبتسم لك فأشح بوجهك عنه، فإنه سارقٌ دورَك لا محالة، وقد عمرت جيوبه بالرشى حتى أنتشى..

واعلم أنك متى بلغت سؤلك، نسيت ألمك، وظفرت بالراحة الكبرى بضعة أيام، بعد أن لبثت يومًا أو بعض يوم في معارك الرحى والكر والفر والنفرة..

وقد أكرمني المولى بذلك البارحة؛ ليلة النصف من شعبان، فرأيت فيها ليلةَ القدر !

هذا هو باب الصبر على دور المازوت وفضل التريث على طوابير البانزين جعلنا الله واياكم من عباده الصابرين ومن حفظ النعمة من الظافرين.